انات مسائية في البرية
-
- 4,99 €
-
- 4,99 €
Description de l’éditeur
لم أكن أبدًا لأبدأ هذا العمل المتواضع جدًا بهذه المقدمة التي تلخص اختبارًا شخصيًّا لولا رجائي الشديد وثقتي الكبيرة بأن ذكرها إنما يشهد لإسم الرب يسوع المسيح وعمله العجيب معي ومع كل إنسان أيضًا لأَنَّهُ "عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا" (أع 17: 27).
فلقد كانت الفترة التي سبقت كتابة الجزء الأول من هذا الكتاب هي أقرب ما يكون عندي لما يُعطيه الآباء اسم [الجفاف الروحي]، والحقيقة أنَّ الجفاف الروحي في فكر الآباء لا يُعَدُّ في كل الأحيان علامة لفقدان أي شيء في علاقتنا الطيبة مع الله. بل هو مرحلة هامة لازمة لتهذيب النفس وإعدادها لحياة روحية أكثر تقدمًا لا تعتمد على مشجعات نفسانية أو مسرات ذاتية, أي أنه كوصف أحد الآباء [غذاء عسير الهضم نوعًا ما إلا أنه بليغ الفائدة]، ومع ذلك فقد قلت لنفسي [كيف أشرع في بعض التَّأمُّلات وأنا شخصيًا في مثل هذه الحالة؟]
لذلك تعطل الأمر بعض الوقت إلى أن اتخذت قرارًا بالبدء في الكتابة, لكني وضعت لنفسي شرطًا بسيطًا ألا أكتب غير ما أشعر به تمامًا. وبالفعل بدأت بكتابة أول تأمل, وحقيقةً لم تمض دقائق حتى اختبرت عمليًا حقيقة ما قاله السيد المسيح "اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ" (يو 6: 63)، إذ شعرت أن كلمة الله ,التي كنت قد بدأت بالتأمل فيها, قد اخترقتني حتى بلغت إلى مفرق نفسي وروحي ومفاصلي ووصلت إلى أنها أخترقت حتى قلبي بسهم محبة يسوع الناري الذي جاء ليلقيه على الأرض كقوله "جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ" (لو 12: 49).
وقتها تمامًا شعرت أنَّهُ مهما كانت المياه التي يُمكن أن تعتري النفس ,سواء جفاف أو أفكار أو فتور, فلا تقدر أن تُطفئ المحبة التي غرسها المسيح داخلنا بطلبته للآب قائلاً "لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ" (يو 17: 26).
هكذا تحنن على الرب فجعلني أختبر عمليًا عمق إعلانه الإلهي القائل بوجود روحٍ لكلمته وحياة داخلها وفعالية لقدرتها، إذ أنَّها اخترقت مفاصلي وروحي ونفسي دون حتى طلب مني فسبتني سبيًا حتى أنها لم تجعلني أتمم ما تخوفت من البدء فيه فقط, بل أكدت عمليًا ما بداخلي من تصديق لوعود الرب وإيمان بقوة وصاياه وكلماته.